آخر الأخبار

إعجازات الرحمن في خلق الكون


كيف خلق الله الكون ؟
عجائب قدرة و عظمة الله في خلق الكون ؟


سلسلة مقالات: عظمة الرحمن في مخلوقاته 

إعداد/ د.عبد المنعم وهبي 

* هندسة الرحمن تتجلى عظمتها في روعة مخلوقاته وتكامل أدائها فيما قدره لها, وبتصميمها العبقري الخالي من النقائص , مع إلتزامها التام بالحفاظ على  (التوازن الرباني الدقيق) بين كل العناصر البيئية في الكون الفسيح.

* * و (إن يشاء الله) سوف نستعرض في حلقات هذه السلسلة من المقالات, أمثلة من إبداعات الرحمن في جميع مخلوقاته الرائعه, ليتضح لنا مدي تفرد القدرة الإلاهية بإبداعاتها الربانية... والتي يستحيل أن تطاولها أي هندسة بشريه.

 

نجم محتضر يتحول إلى طارق - (النجم الثاقب)  مراحل تحوله إعجازات الرحمن في خلق الكون Wonders of God's ability to create the universe  عجائب قدرة و عظمة الله في خلق الكون

14- إعجازات الرحمن في خلق الكون

 

نشأة الكون

يدعي الملحدون أن الكون أزلي , ولم يخلق في وقت ما, وأنه بدون بداية نشأ منها، وبالتالي فهو صنعة المصادفات,.. وبدون صانع محدد (خالق).  لكن يأتي القرآن الكريم ليؤكد في آية واحدة منه, حقيقة (بدايات خلق الكون).

 

كما إن المفردات الكونية وظواهرها تكررت في مئات الآيات من القرآن الكريم, فذكرت السماء والأرض والشمس والقمر, بالإضافة لتسمية بعض سوره بمصطلحات كونية, مثل النجم والبروج والمعارج والتكوير والانفطار والانشقاق. 

 

- في عام 1964, إكتشف العلماء وجود موجات رادار كهرمغناطيسية قادمة من الفضاء السحيق, فلما رصدوها ودرسوا خواصها ومصدرها وأتموا تحليلها,... تبين لهم أنها صادرة منذ (آلآلاف الملايين) من السنين!

وأجمعوا على أن هذا النوع من الأشعة ناتج عن بقايا (انفجار عظيم) حدث عند نشأة الكون وبداية توسُّعه, وبذلك اكتشفوا أن الكون كله بدأ من(حدث ضخم واحد), وأسموه الأنفجار العظيم.

 

- وفي سنة 1986 م أرسلت المحطات الفضائية السوفيتية معلومات أيدت (نظرية الانفجار العظيم).

 

- وفي عام 1989 م أرسلت وكالة الفضاء الأميريكية (ناسا) قمر صناعي (المستكشف) وعليه منظار فلكي فائق القدرة، فأرسل قدر هائل من المعلومات الفلكية المؤكدة مع ملايين الصور, وظهر بالفعل فيها آثار (الدخان الكوني الأول) الذي نتج عن الانفجار العظيم الذي أنشأ الكون, وأن موقع الدخان على بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية من الأرض، كما ثبت أن هذا الدخان الكوني معتم تماماً، ما يماثل (حالة الإظلام) التي سادت الكون في مراحله الأولى.

-وكل هذه المعلومات أكدت صدق نظرية (الانفجار الكوني العظيم).

 

نظرية الانفجار العظيم

حيث أن الكون حاليا يتوسع باستمرار (وما يزال), فلابد أن حجمه بالماضي كان أصغر وأصغر... حتى نعود لنقطة بدايته، ومنهنا إفترض العالم البلجيكي «جورجلوميتر» عام 1927 نظرية «الانفجار العظيم» التي تفسِّر نشأة الكون من (كتلة غازية واحدة) ذات حجم ووزن عظيم جداً، عظيمة الكثافة ورهيبة الحرارة, وتتخللها بعض الجسيمات الأولية (من المادة... وأضداد المادة),.. ثم بتأثير الضغط الهائل الناتج عن شدة حرارتها حدث (انفجار عظيم) فكك كتلتها الغازية فتشكلت المجرات بالكون ومحتويات كل منها... بل ولاتزال توابع الإنفجار مستمرة حتى يومنا هذا.

 

هذه النظرية أصبحت اليوم حقيقة علمية يقينية تؤكدها كل الظواهر والمكتشفات الإضافية، وأولها أن المجرات تتحرك مبتعدة عنا, (بسرعة أكثر من10 آلاف كم في الثانية!) لكن لا يعقل أن بداية نشوء الكون كانت مجرد مؤثر تلقائي (انفجار) ,.. لأن الانفجارات لا تولد إلا الفوضى في نواتجها.  بينما مكونات الكون منتظمة تماما (من الذرة حتى المجرة), ولابد لذلك من مؤثر عظيم القوة, سمح بتكون (عمارة الكون) عظيمة الإنضباط..

 

آيات قرآنية عن عظمة خلق الله في الكون

آيات القرآن أكدت (وحدة البداية) في أصل الكون, وثبات مواقع أجرامه... (مع إستمرار توسعه), حيث يقول المولى:

 

 (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا... رَتْقًا... فَفَتَقْنَاهُمَا..... ) [الأنبياء: 30]،

] والسماء بنيناها بأيد... وإنا لموسعون[  - (الذاريات - 47)

…  ]الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها)- […الرعد - 2)

 

وهو وصف دقيق من الخالق لتلك الحقائق العلمية, وظهر الإعجاز في ذكر خطوات النشأة الأولى للكون بكلمتين فقط -(الرتق والفتق)- حيث أن الأصل المحدد للكون كان كتلة غازية متوهجة, لكنها منتظمة التكوين كالنسيج الواحد (رتقا), ثم بدأ تفككه بإرادة قاهرة...فتباعدت مكوناتها لكن بتناسق تام (فتقا), وليس بمجرد إنفجار فوضوي, لأنه يستحيل أن ينتج عن الإنفجارات أية أنظمة منضبطة, بينما أنتج ذلك (الفتق) مجرات محددة المواقع في تباعدها, وتمايزت الكواكب في كل منها وأصبح لها توابعها وأقمارها, وكل ذلك بترتيب دقيق وخاص... لا يحتمل أي خلل,

ويؤكد القرآن ذلك, فيذكر :

 } ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ..... فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً..... قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ{

(فصلت -11).

 

آيات تدل على قدرة الله في خلق الكون

بإرادة الله وحده, تم الفصل (الفتق) بين كتلة الكون الواحدة, وبقدرته انتثرت أجزائها في الفضاء الكوني، لكن بكيفة تتوافق مع أقدارها الربانية, وتكونت بين كتلها (قوى جاذبية متبادلة) ضبطت مواقع كل منها في السماء (بلا عمد ترونها)، وبذلك حفظت في أماكنها بالكون اللا نهائي, كانها مرفوعة ومتباعدة عن بعضها (بأعمدة من قوي الجاذبية المتضادة بين الأجرام ..... ولانراها) وهو وصف دقيق للغاية, وذكره الخالق بقرآنه منذ بدأ نزوله على رسوله, من أكثر من 1400 سنه.

 

كما  يتلاحظ أنه في بداية الأية الكريمة عن أصل الكون, وجه الخالق خطابه فيها للذين كفروا حيث يقول :

 

( أَوَلَمْ يَرَ../ الَّذِينَ كَفَرُوا /... أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا ... رَتْقًا ... فَفَتَقْنَاهُمَا ..... ) [الأنبياء : 30]،

 

- فبعد نزول القرآن (بقرون كثيرة) حدث بالفعل اكتشاف حقيقة - بداية خلق الكون - على يد علماء (من غير المؤمنين), ما يؤكد أن القرآن منزل من مبدع الكون وخالق البشر, الذي يعلم نوعية من سيكتشف ذلك الأمر في المستقبل البعيد, فوجَّه لهم خطابه مع إنزال قرآنه, وذلك قبل الحدث بقرون.

 

* فتبارك الله أحسن الخالقين.

 

وصف الكون

 نجم محتضر يتحول إلى طارق - (النجم الثاقب)  مراحل تحوله إعجازات الرحمن في خلق الكون Wonders of God's ability to create the universe

  تجميع لأجرام القبة السماوية للكون

نجم محتضر يتحول إلى طارق - (النجم الثاقب)  مراحل تحوله إعجازات الرحمن في خلق الكون Wonders of God's ability to create the universe
صوره حقيقية لجزء من سماء الكون وبه (نجوم ومستعرات) لا تحصى 

 

الكون عبارة عن (فضاء شاسع) يضم مليارات من المجرات والنجوم والكواكب بالإضافة إلى الكويكبات والمذنبات.

 

 ومجرتنا (درب التبانة), هي إحدى المجرات بالكون, وتدور فيها مجموعات من النجوم التي تتخذ من (مجموتنا الشمسية) مركزا لمحور لدورانها, بينما الكواكب في  (مجموعتنا الشمسية) تدور هي الأخرى حول الشمس (نجمها الأوحد), وكوكبنا الأرض أحد كواكبها, وحجم هذه المجرة قدر بمسافة تزيد عن مائة ألف سنة ضوئية .

 

ولما أظهرت صور لأجزاء من الكون, التقطها (تلسكوب هابل) الفضائي بالأشعة تحت الحمراء, ثبت أن أبعاد الكون أكبر من إمكانياتنا الحديثة الحالية لمحاولة تحديد حجم الكون الحقيقي, لأن المسافات بين المجرات بالكون تقاس بمليارات السنين الضوئية.

 

*والسنة الضوئية, هي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعته الرهيبة خلال سنة كاملة, وتساوي ( مسافة 9400 مليار كم طولي).

* أما سرعة الضوء فهي (300 الف كم في الثانية).

 

محاولة تقدير حجم الكون

يقول علماء الفضاء, إن مراصدنا لا ترى من الكون سوى (فقاعةً صغيرةً) منه, أما خارجها فإننا لا نعلم عنه شيئًا.

 

وهم يقدرون عمر الكون بحوالي (13.8 مليار سنةٍ ضوئية)، أي أن الجرم الفضائي الذي استغرق وصول ضوءه الينا 13.8 مليار سنة ضوئية, هو بالتأكيد أبعد جسمٍ يمكننا رؤيته, وموقعه على حافة الكون المرصود لدينا.

لكن لأن الكون يتمدد باستمرار, ففي خلال زمن وصول هذا الضوء إلينا, تكون حافة الفقاعة قد إبتعدت عنا أكثر فأكثر.

 

وبإستخدام الحسابات المرصودة  لدى علمائنا عن معدل تمدد الكون (منذ الانفجار العظيم), أمكن لهم أن يحددوا مدي تمدد الكون خلال هذا الزمن المحدد (13.8 مليارسنةٍ ضوئيه), فوجدوه حوالي (46.5 مليار سنة ضوئية).

 

لذلك أثبتت إحدى الدراسات الفضائية أن الكون الفعلي يمكن أن يكون قد إمتد خلال ذلك بحوالي 250 ضعف حجمه.  

وهكذا,.. فلا يوجد دليل مؤكد على أن الكون محدد الحجم بأي طريقة، بل إن هيمكنه أن يتمدد إلى ما لا نهاية.  

 

كما أن الحواف الخارجية للكون (الذي مكننا رصده) تبتعد فعليًا عنا بأسرع من سرعة الضوء, بل وبأسرع مما قد يصلنا ضوء أجرامها، وبالتالي فإن حافة الكون ستختفي تدريجيا عن أنظار مراصدنا, وعن إمكانيات أجهزتها الحالية.

 

الكون والفضاء الكوني


نجم محتضر يتحول إلى طارق - (النجم الثاقب)  مراحل تحوله إعجازات الرحمن في خلق الكون Wonders of God's ability to create the universe
صور بمقياس رسم حقيقي تضم نجوماً عملاقة --- بينما شمسن اتبدو قزمة بالنسبة لأحجامها الضخم.      


* (الكون), مصطلح يُعبر عن المكونات الكونية المعروفة والمرئية لنا بأية كيفيه.

* (الفضاء الكوني) هو مُجمل الزمكان في الكون, سواءٌ أكان مرئياً أم غير مرئي.

* (الزمكان) هو دمج لعنصري الزمان والمكان، للكتل في الفضاء بأبعادها الثلاثة المعتاده، (الطول والعرض والارتفاع)  ويضاف إليها (الزمن) كبعد رابع.

 

وأجرام الفضاء الكوني يُمكن أن تكون مرئية لنا ومقاسة بطرق رصد مختلفة, فقد نراها بالعين عند وصول ضوئها، أو نرصد طيف ضوئها البعيد أو الموجات الكهرومغناطيسية الناجمة عنها .

- لذلك فهناك مراصد فلكية تصور المجرات والنجوم بالأشعة تحت الحمراء، أو الأشعة السينية، أو الأشعة فوق البنفسجية، أو بأشعة جاما. ومن خلال مطابقة العلماء لتلك الصور المتنوعة مع بعضها البعض, تتكامل رؤيتهم للكون وما فيه من نجوم ومجرات وانفجارات متكررة (للمستعرات العظمى) أو العجائب الكونية الأخرى الكثيرة.

 

المادة المظلمة في الكون

من خلال عمل المراصد الفلكية, ثبت وجود (جسيمات أو أجسام) منتشرة بالكون, لكن طبيعتها ليست معروفة لنا يعد.

إلا أنه من رصد تأثيراتها بالكون المحيط بها إستنتج العلماء أنه لابد وأنها أجسام متواجدة بالكون لكننا لا نراها, لكن جاذبيتها القوية تمنع فرار النجوم سريعة الدوران من مواقعها على حافة المجرات.

 

وما يزال البحث جاريا عن خواصها,... ويسميها العلماء حاليا (المادة المظلمة), وهناك إحتمال بأنها (المادة اللاصقة) التي تثبت أركان الكون كله في مواقعها.

 

إحتضار النجم وتحوله إلى (طارق)

 

نجم محتضر يتحول إلى طارق - (النجم الثاقب)  مراحل تحوله إعجازات الرحمن في خلق الكون Wonders of God's ability to create the universe
نجم محتضر يتحول إلى طارق - (النجم الثاقب)  مراحل تحوله
إعجازات الرحمن في خلق الكون
Wonders of God's ability to create the universe

 

عندما تمكن علماء الفلك عام 1967 من رصد الموجات الراديوية الكهرومغناطيسية بالتلسكوبات الحديثة، التقطوا إشعاعات من مصدر مجهول بالكون البعيد.  وبعد سنوات تبين لهم أنها صادرة من (نجوم نيوترونية) ضخمة (حجمها أكبر من الشمس بعدة مرات) وتشكلت نتيجة لإنفجار نجوم ضخمة، ثم تهاوت على نفسها وتحولت مادتها إلى كتلة من (النيوترونات الكثيفة) والثقيلة جداً حتى إن حجم "مكعب سكر" منها سوف يزن 100 مليون طن، وإن جاذبيتها بسبب كثافة كتلتها الهائلة أكبر 200 بليون مرة من جاذبية الأرض .

 

وإنفجار النجوم وتهاويها, حقيقة فلكيه أثبتها الله وأقسم بعظم حدوثها , وذكره كبرهان على صدق رسولنا الأكرم,

 

}وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ... مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى.. وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ... إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ... عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{ (النجم :1 - 5)


 مظاهر عظمة الله في الكون

لقد اكتشف العلماء  أنه عند بدء (إحتضار أي نجم), فإنه يبدأ في الدوران حول نفسه بسرعات رهيبه، وبمعدل (مئات الدورات في الثانية الواحدة), فيولد ذلك حوله مجالاً كهرمغناطيسياً قوياً جداً، وله قدرة جذب رهيبة, بحيث تمكن النجم المتحول من اختراق وثقب أي كوكب يقترب منه (حتى لو كانت الأرض)..  كما يتحول كذلك ليصبح جرم فضائي (نابض), وتصدر عنه أصوات متقطعه تشبه صوت (الطرق بالمطرقة)، لذلك أطلق علماء الفلك علي هذا النجم المحتضر إسمين نابعين من هاتين الصفتين الطارئتين عليه :

فهو (طارق) من حيث إصداره لصوت الطرق, (كمطرقة كونية)، أما لقدرتة على النفاذ والثقب فهو نجم (ثاقب).

وهذا بالضبط ما أكده الخالق في قرآنه, حين أقسم بهول الحدث, فقال :

 

}وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ { (الطارق: 1-3).

 

وبذلك وصف النجم المحتضر بنفس الكلمتين التي أطلقهما عليه العلماء (الطارق - الثاقب), ما يؤكد أنه الخالق الأوحد للكون بكل أجرامه, مهما تغيرت مواصفاتها.

 

* فتبارك الله أحسن الخالقين.

 

النهاية المحتملة للكون

هناك نظريات علمية مختلفة لتوقع إحتمالات نهاية الكون, وعلماء الفلك ينظرون إلى الأحداث الكونية المستقبله عادةً بمقارنتها بما سجلوه من أحداث بالماضي, وما وقع من أزمانٍ سحيقة.  ولذلك تكون توقعاتهم المحتملة بالمستقبل بها قَدْر كبير من التخمين.

 

فبالنسبة نجمنا ( الشمس) , فإنهم يتوقعون نفاد مخزونها من الوقود النووي بعد عدة مليارات من السنين, وعندها تتحول لنجم أحمر عملاق، ثم ينفجر بعدها بضراوة فيبتلع كواكب المجموعة الشمسية الأقرب إليه بالكامل، بينما يحرق كل ما على كوكب الأرض .

أما عن تخيلهم لنهاية (عمارة الكون) كله, فهناك العديد من النظريات, أقواها حدوث (الانسحاق العظيم).

 

حيث أن علماء الفيزياء الفلكية يعتقدون أنَّ نهاية الكون سوف تكون (على الأرجح), صورةً معكوسة لأحداث (الانفجار العظيم) الذي أنشأه، وذلك بحدوث (انسحاق عظيم).

 لأنهم لاحَظوا أنَّ جميع المجرات بالكون حاليا تتحرَّك مبتعدةً عنَّا, مع حدوث (تمدُّد كوني), فإذا كان بالكون قدر كافٍ من الطاقة، بما في ذلك (الطاقة المظلمة)، فسوف يؤدي تزايد تجمع قوى جاذبية الأجرام الكونية (يوما ما) إلى إيقاف هذا التمدُّد الكوني تدريجيا,...بعدها يبدأ تسارع اصطدام المجرات ونجومها ببعضها البعض, ويتزايد إنسحاق الأجرام الكونية معا, فيتحوَّل الكون إلى جحيم ملتهبٍ, قبل أن يأخذ في الانكماش، ومعه ترتفع حرارة الكون وكثافته لمستويات هائلة، تصل لحد تتلاشى كلُّ مكوناته، فينهارُ أخيرا في (كتلة واحدة ضخمة), مثلما بدأ في نشأته الأولى بالضبط.

 

ونظرية (الإنسحاق العظيم), تكاد تتطابق مع ما ذكر فيآيتين بالقرآن, تصفان نهاية الأرض جميعها بحدوث (القبض) وكذلك السماوات بخضوعها (للطيّ), في قوله تعالى:

 

- }يوم نطوي السماء كطيّ السجل للكتب.... كما بدأنا أولخلق نعيده.... وَعْدًا عَلَيْنَا... إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ{

) الانبياء- 104)

 

}-وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ... ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ-(الزمر- 67)،

 

والوصف  القرآني أوضح من كل تخيلات وتوقعات العلماء,... بأن الله (عند دمار الكون - وحدوث القيامة) سينفذ إرادته الأزلية ووعده المفعول, بإعادة عمارة الكون لمبدأ نشأتها الأولى.  بأن تتجمع وتتراكم  معا طبقات السماوات والمجرات في الكون, لتكون مثل صفحات ضخمه في كتاب ضخم (سجل) مفتحتة أوراقه, فلما تداخلت طبقاته مع بعضها البعض إنكمش حجمه الكلي, بنفس الكيفية التي تحدث لصفحات السجل الضخم عند ضمها بعد تفرقها (وإنتشارها) على مساحة أوسع (كالسجل المفتوح), فلما تجمعت صفحاته وتداخلت عند طي الكتاب,قل حجم السجل جدا (إنكمش) لأقل حيز ممكن.

 

وفي الآية الثانية,... تكرر وصف مصير السماوات (والمجرات) بتجميعها (طيها), بتأثير إرادته القوية (من يمينة القاهرة) عند نهاية الكون (قيامتة) وبينها كوكبنا - الأرض , فتنسحق جميعها بتأثير قبضته الربانية (بقدرتها العظيمه) حتى يتلاشى وجودها, تنفيذا لإرادته الإلاهية الأزلية, التي لا يؤمن بها (من أشرك معه آلهة أخرى).. لا وجود لها, أو من أنكر بإلحاده وجود أي خالق للكون .   وذلك يثُبت أنه الخالق الأوحد ,.. ولا راد لقضاءه, فبإرادته سيعيد إفناء الكون, بعكس كيفية إنشاءه له, في أول مرة.

 

* فتبارك الله أحسن الخالقين.

 

عجائب قدرة الله في الكون

وهكذا يتأكد لنا أن إرادة الله هي الوحيدة  المؤكدة بالكون كله, ولا راد لما قدره لكل مخلوقاته فيه, منذ إبتداء خلقه حتى وصوله لنهايته الحتمية بالموت والفناء, وأن إرادته وحده سيرت الكون طوال الدهور منذ خلقه, وستستمر ما بقي للكون من عمر, لكنه محكوم عليه في اخر عمره ,.. مثل بقية مخلوقات الله, بأن يكون لوجوده بداية, ثم لما يأتي أمر الله تكون نهايته, مهما كان صغيرا كالطائر والحشرة, أو ضخما كالفيل والحوت, أو مهول الحجم مثل الكون الشاسع, لكن نهايته آتية لا ريب فيها, وليس لنا إستعجالها, فمتى يأتي أمر الله... فلا راد لقضائه,... والبقاء لا يكون إلالله وحده.  

 

* فتبارك الله أحسن الخالقين.

 

إعجازات الرحمن في خلق الكون يثبت أن وجود (الحقائق العلمية) في كتاب الله تعالى ليست هدفاً بحد ذاتها، لكنها وسيلة لتأكيد وحدانية الخالق سبحانه وتعالى والإيمان به.كما أن وضوح الإعجازات في الحقائق العلمية بالقرآن هو تكليف للمؤمن بإيصالها لغير المؤمن, ..لإنه إن لم نقم بما علينا,.. فمن غيرنا يفعل ذلك إذن؟


----------------------------------------

سلسلة مقالات: عظمة الرحمن في مخلوقاته

  لقراءة األجزاء السابقة من السلسلة بعنوان: 
 1- ديناميكية العمود الفقري للأنسان  أضغط هنا 
 2- هندسة القلب البشري والصناعي  أضغط هنا
 3- هندسة صمامات القلب البشري والصناعي  أضغط هنا
 4- هندسة الرحمن في الثقوب السوداء بالفضاء أضغط هنا 
 5- هندسة الإخصاب &  بدء حمل المرأة  أضغط هنا
 6- هندسة الرحمن بين العقل البشري والكمبيوتر  أضغط هنا
 7- هندسة الرحمن في التوازن المائي بالكائنات أضغط هنا
 8- هندسة الرحمن في الكون وتوزيع الضوء والظلام فيه أضغط هنا 
 9- هندسة الرحمن في منع الفساد بالأرض أضغط هنا
 10- معجزات الرحمن في خلق الإبل أضغط هنا
 11- إعجازات الرحمن في خلق الحشرات أضغط هنا
 12 - عظمة القرآن في تلخيص حياة الأنسان في آية واحده أضغط هنا
 13 - أقوى مخلوقات الله على وجه الأرض بالضغط هنا 
 25 - اعجازات الرحمن في خلق الجبال 
 26 - إعجاز الخالق في النجوم الأقزام الحمراء
 

إعداد/ د. عبد المنعم وهبي
أستاذ بالأكاديميه الصحية بالسعودية سابقًا

سلسلة مقالات: هندسة الرحمن في مخلوقاته   تأليف/ د.عبد المنعم وهبي أستاذ بالأكاديميه الصحية بالسعودية سابقًا 

مراجعة/ د. منى حافظ
الأستاذ المتفرغ بمعهد بحوث الإلكترونيات.

 ليصلك كل ما هو جديد ومفيد وصحي برجاء الإعجاب بصفحتنا على الـ FaceBook


عرضاخفاءالتعليقات
الغاء

HH

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

المشاركات الشائعة